مطالبات من الكنائس البولندية لوقف العدوان الروسي، بواسطة رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

رئيس مؤتمر الأساقفة البولنديين أدان العدوان الروسي بشكل مُعلن، الحديث الذي تجنبه البابا فرانسيس حتى الآن، وحث رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ( كيريل ) على إستخدام نفوذه مع فلاديمير بوتين للمطالبة بإنهاء الحرب و للجنود الروس على عدم المشاركة في القتال.

٤ أذار / مارس ٢٠٢٢
Reuters Graphics

حذر رئيس الأساقفة في بولندا — ستانيسلاف جوديكي Stanislaw Gądecki، في رسالته إلى البطريرك كيريل في ٢ أذار / مارس ٢٠٢٢:-

“ سيأتي الوقت للمحاسبة عن هذه الجرائم، بما في ذلك أمام المحاكم الدولية، ومع ذلك، حتى لو تمكن شخص ما من تجنب هذه العدالة الإنسانية، فهنالك محكمة لا يمكن تجنبها “.

وقال المطران البولندي في رسالته إلى كيريل:-

“ أطلب منك يا أخي أن تناشد فلاديمير بوتين أن يوقف الحرب العبثية ضد الشعب الأوكراني، أطلب منكم بأكثر الطرق تواضعا أن تدعووا إلى إنسحاب القوات الروسية من الدولة ذات السيادة التي هي أوكرانيا “

“ كما أطلب منكم مناشدة الجنود الروس عدم المشاركة في هذه الحرب الظالمة، ورفض تنفيذ الأوامر التي، كما رأينا، تؤدي إلى العديد من جرائم الحرب، رفض إتباع الأوامر في مثل هذه الحالة هو التزام أخلاقي “

الخطاب الذي أستخدمه في رسالته البطريرك كيريل، تناقض بشكل حاد مع الحياد للفاتيكان والبابا فرانسيس حتى الآن.

لقد دعا الفاتيكان إلى السلام، فتح الممرات الإنسانية ووقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات، كذلك عرض للتوسط في حل الازمة.

لكن لم يدين البابا فرانسيس علنًا روسيا بالإسم بعد لغزوها أوكرانيا أو مناشدة البطريرك كيريل علنًا، ولم يعلق الفاتيكان على الضربة الروسية على أكبر محطة نووية في أوروبا التي أشعلت حريقًا يوم الجمعة.

بالنسبة للبابا الذي أعلن أن مجرد إمتلاك أسلحة نووية أمر غير أخلاقي وحذر من إستخدام الطاقة الذرية بسبب التهديد البيئي الذي تشكله التسريبات الإشعاعية، كان صمته لافت بهذا الشأن.

الفاتيكان يتسم بالتقاليد الدبلوماسية الهادئة، في إعتقادهم أنها يمكن أن تُسهل الحوار بشكل أفضل، إذا لم تنحاز إلى أي طرف أو أعلان من هو المعتدي بشكل علني.

لطالما أستخدمت هذه الحجة للدفاع عن البابا بيوس الثاني عشر، البابا في حقبة الحرب العالمية الثانية الذي أنتقدته بعض الجماعات اليهودية لعدم التحدث علانية بما فيه الكفاية ضد — المجازر اليهودية ( الهولوكوست ).

يقول الفاتيكان:-

“ إن الدبلوماسية الهادئة ساعدت في إنقاذ الأرواح في ذلك الوقت، وأستمرت في هذا التقليد للحرب الباردة المتمثلة في الدبلوماسية وراء الكواليس “

أتخذ البابا فرانسيس خطوة غير مسبوقة الأسبوع الماضي عندما ذهب إلى السفارة الروسية للقاء السفير.

لكن الشيء الوحيد الذي قاله الفاتيكان عن الإجتماع، هو أن البابا فرانسيس ذهب للتعبير عن قلقه بشأن الحرب، كما تحدث هاتفيا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

أتخذ وزير خارجية الفاتيكان، الكاردينال بيترو بارولين Pietro Parolin ، خطوة غير عادية مماثلة هذا الأسبوع عندما، في مقابلة مع أربع صحف إيطالية، قام بالفعل بالحديث عن روسيا بقوله:-

“ إن الحرب شنتها روسيا ضد أوكرانيا “.

في حالة أوكرانيا، التي تضم بضعة ملايين من الكاثوليك من بين أغلبية سكانها الأرثوذكس، لا يتوانى البابا فرانسيس عن آماله في تحسين العلاقات مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وزعيمها المؤثر، كيريل.

في الآونة الأخيرة، في كانون أول / ديسمبر ٢٠٢١، عندما كانت المخاوف من غزو روسي ملموسة بالفعل، أعرب البابا فرانسيس عن أمله في لقاء ثان مع كيريل بعد لقاءهما التاريخي في عام ٢٠١٦، وهو الأول بين البابا والبطريرك الروسي منذ ألف عام.

قال البابا فرانسيس للصحفيين في طريق عودته من اليونان إلى الوطن:-

“ اللقاء مع البطريرك كيريل ليس بعيدًا المنال، أنا متواجد دائمًا، وأنا على استعداد للذهاب إلى موسكو: للتحدث إلى أخي، ليست هنالك حاجة لبروتوكولات، الأخ هو الأخ قبل كل البروتوكولات “.

التقى سفير الفاتيكان في روسيا، المطران جيوفاني داجنيلو Giovanni D’Agnello، يوم الخميس مع كيريل في مقر إقامة البطريرك في دير دانيلوف Danilov في موسكو.

قال مكتب كيريل:-

“ إن البطريرك أسترجع ذكريات لقاءه في إجتماع عام ٢٠١٦، وأعرب عن تقديره لـ الموقف المعتدل والحكيم لبابا الفاتيكان، في مقاومة الانجرار إلى الصراع وأصر على أن الكنائس لا يمكن إلا أن تكون صانعة سلام “

مع ذلك، أشار أحد كبار مُستشاري التواصل للبابا فرانسيس، القس أنتونيو سبادارو Antonio Spadaro، إلى أن كيريل يواجه تحديًا كبيرًا لموازنة القائمة المتزايدة حاليًا من الكهنة الأرثوذكس والمطارنة والمؤمنين الأوكرانيين العاديين الذين يتوسلون إليه أن يرفع صوته ضد فلاديمير بوتين وتغيير الموقف.

في مقال نشرته وكالة الأنباء الإيطالية Adnkronos ، لم يتحدث القس أنتونيو سبادارو من أن البابا فرانسيس من بينهم، على الرغم من أنه نقل عن البابا قوله مؤخرًا ( إنه من المحزن للغاية أن المسيحيين يشنون الحرب ).

تردد صدى هذه النبرة المعتدلة هذا الأسبوع عندما شدد سفير الفاتيكان لدى الأمم المتحدة على الحاجة إلى وجود ممرات إنسانية في أوكرانيا للسماح بخروج اللاجئين والمساعدات الإنسانية، ولكنه لم يحدد روسيا على أنها السبب.

التقى وزير خارجية الفاتيكان، المطران بول غالاغر Paul Gallagher، الأربعاء، مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو.

قالت وزارة الخارجية الإيطالية:-

“ إن دي مايو كرر إدانة إيطاليا الشديدة للعدوان الروسي على أوكرانيا والإلتزام بمواصلة مسار العقوبات الفعالة والحاسمة ضد حكومة الإتحاد الروسي، بينما تساعد أوكرانيا في المساعدات الإنسانية، الإقتصاد والدفاع “

ولم يقل الفاتيكان، الذي يرسل إمدادات طبية إلى أوكرانيا، شيئًا بعد الإجتماع.

لم يشارك هذا الصمت رئيس الكنيسة الكاثوليكية اليونانية الأوكرانية، الذي كان مؤكدًا في إدانته اليومية للغزو الروسي.

كما لم يشارك الأساقفة البولنديون، هذا الصمت، الذين يساعدون الآن في حشد إستقبال عشرات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين الذين عبروا الحدود.